الزعيم جمال عبد الناصر / الوجه الآخر
((الزعيم جمال عبد الناصر / الوجه الآخر
دكتور مهندس / محمد الحسيني إسماعيل
في الحقيقة كنت لا أنوي الدخول في عرض وتحليل شخصيات زعماء العالم العربي .. على مواقع الإنترنت .. حيث سبق التعرض لهذه الشخصيات وأنظمتها الحاكمة بالتحليل في مرجعي السابق : " السقوط الأخير : تاريخ الصراع على السلطة منذ ظهور الإسلام وحتى الوقت الحاضر " . إلا أني أراني مضطرا لهذا العرض نظرا لقيام موقع : " ساحات الطيران العربي / ساحة الفكر القومي " بالتعرض لسيرة جمال عبد الناصر .. منقولة عن الموقع الخاص به [1] .. وهو موقع لعبت أسرة جمال عبد الناصر الدور الرئيسي في إنشائه . وبديهي ، من هذا المنظور ، سوف يقتصر العرض على إيجابيات جمال عبد الناصر فقط .. دون التعرض لسلبياته الأخرى ..!!! ولما كنت أرى ضرورة .. بل وحتمية عرض الصورة متكاملة لهؤلاء الزعماء .. نظرا للكوارث التي حلت على العالم العربي بسبب سلوكهم الفردي المتسلط .. وتركيزهم على ذاتهم ( المتضخمة ) .. لذا كان من المحتم عرض سيرة هذا الزعيم بما لها وما عليها .. حتى ترى أجيال العالم العربي حقيقة هذه الزعامة وأثرها على أحداث المنطقة .. والعالم الإسلامي بصفة عامة ..!!!
وإذا اعتبرنا أن عرض ساحات الطيران العربي لجمال عبد الناصر هو ما لهذه الشخصية من إيجابيات .. فإن العرض التالي سوف يشمل عرض بعض سلبيات هذا الزعيم .. والتي لم تعرض له ساحات الطيران العربي .. حتى نضع الصورة المتكاملة ـ إلى حد ما ـ و بشقيها الإيجابي والسلبي .. بين يدي القاريء العربي ..!!!
ودعنا نبدأ القصة من البداية ..
كان تاريخ أسرة محمد على ( التركية ) في مصر سلسلة من الخيانات التي ارتكبت في حق الشعب المصري . وكان أولى هذه الخيانات إغراق " إسماعيل باشا " الحفيد الثالث لمحمد علي ، في ملذاته وإغراق البلاد بالتالي في ديون عرضت سمعة مصر وماليتها للخراب حتى كان ذلك سببا تعللت به الدول الاستعمارية لتغلغل نفوذها في أرض مصر . ثم جاء توفيق من بعده فأتم هذه الصورة من الخيانة السافرة في سبيل محافظته على العرش فدخلت جيوش الاحتلال البريطاني في البلاد لتحمي عرشه بعد أن استنجد بها . وبذلك أصبح المستعمر والعرش في شركة تتبادل فيها المنافع .. وتفوق الملك فاروق ( آخر شجرة محمد علي والذي تولى الحكم وعمره 15 سنة ) على كل من سبقوه فأثرى وفجر ، وطغى وتجبر ، وكفر فخط لنفسه نهايته ومصيره . وكان هذا مبررا كافيا لقيام ثورة 23 يوليو 1952 لتبدأ مرحلة أخرى من الصراع على السلطة .. انتهت بتدمير مصر والعالم العربي والإسلامي معا .. ونمو إسرائيل إلى المدى الذي نراه عليها في الوقت الحاضر ..!!!
قامت ثورة يوليو سنة 1952 بقيادة " اللواء ( دكتور ) / محمد نجيب " [2] لإنهاء حكم أسرة " محمد على " في مصر . ومنذ قيام الثورة بدأ المقدم / جمال عبد الناصر (1918ـ 1970م ) .. في نسج شباك المؤامرات حول اللواء محمد نجيب قائد ثورة 23 يوليو 1952 ( ورمزها الوطني وأول رئيس للجمهورية بإرادة شعبية جارفة ) للغدر به والاستيلاء على السلطة . والمقدم / جمال عبد الناصر : هو ذلك الدكتاتور الأفاك صاحب هزيمة 1956 ، وهزيمة 1967 م . من إسرائيل والتي عرفت باسم حرب الأيام الستة ( 5-10 يونيو/حزيران 1967 ) والتي فقدت فيها مصر نحو 80% من قواتها العسكرية ، كما تم تدمير سلاح الطيران المصري بالكامل .. وطائراته رابضة على أرض المطارات ، واحتلال إسرائيل لسيناء ( والتي تمثل 12.5 % من مساحة مصر ) ..!!!
وفي كلا الحربين ؛ كان عبد الناصر يأمر الجيش المصري بالانسحاب من سيناء فور بدء القتال كل فرد على مسئوليته ..!!! لكي يصبح جيش مصر فلولا هاربة من الجرذان المذعورة ( بعد أن فقدت الانتماء الديني .. وضاع فكر الاستشهاد ) . فلول تفر بلا وعي وبلا قيادة من أمام القوات الإسرائيلية لتأسر منهم إسرائيل ما تشاء ..!!!
ففي تقرير لوزارة الخارجية المصرية يقول بأن عدد قتلى الأسرى المصريين في حربي 1956 و 1967 فقط ، وصل إلى ( 65 ) ألف أسير ..!!! وأن هذا الرقم قد تم الوصول إليه من خلال ( 1000 ) وثيقة و ( 400 ) شهادة حية لقادة إسرائيليين وأمريكيين وأوروبيين . وأن من أبرز الجنرالات الإسرائيليين الذين شاركوا في ذبح هذا العدد الهائل من الأسرى المصريين : الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان الذي قتل عمدا قرابة العشرين ألف أسير .. وموشيه ديان ( وزير الدفاع الإسرائيلي ) الذي مثل القاسم المشترك في كل عمليات القتل .. وديفيد ليفي .. وروفائيل إتيان .. وإسحاق رابين .. وإيهود باراك الذي قتل ألفي أسير مصري في عشر دقائق هذا غير مذابح السفاح آرييل شارون ( رئيس وزراء إسرائيل السابق ) المسجل له دوليا ست مذابح رئيسية [3] ، هذا عدا المذابح اليومية التي جرت على يديه للشعب الفلسطيني الأعزل .. وغيرهم من القتلة السفاحين والمجرمين بنص القانون والمواثيق الـدولية التي تعتبر جريمة قتل الأسرى من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم ..!!!
ومن مشاهد قتل الأسرى المصريين ( التي أهديها ـ اليوم ـ إلى شباب الفيديو كليب .. والإعلام العربي ) ؛ ما تم بأوامر من آرييل شارون ( رئيس وزراء إسرائيل السابق )وبحضوره : فقد كان يتم توثيق الأسرى المصريين في هزيمة 1967 ـ ضباط وعساكر ـ بالأسلاك الشائكة متراصين في صف واحد طويل .. ثم يتم طرحهم على الأرض في صف واحد .. ثم تؤمر الدبابات لتمر فوقهم أجسادهم بجنازيرها .. لتتحول هذه الأجساد إلى أشلاء من كتل اللحم والعظم والدماء المتطايرة .. وإلى رؤوس متناثرة ..!!! والغريب ـ بل والمثير معا ـ أن تقوم المجندات الإسرائيليات ( أي النساء اليهوديات ) بإعطاء الإشارات اللازمة لقائدي الدبابات .. حتى لا تخطيء جنازيرهم السير بعيدا عن هذه الأجساد ـ المصرية ـ المتراصة على الأرض ..!!!
والسؤال الآن : ألم يكن من الأجدى والأشرف لو ترك عبد الناصر الـ ( 65 ) ألف أسير ـ من القوات المصرية ـ يقاتلون بشرف حتى يقتلوا وينالوا الشهادة .. وينزلوا بالإسرائيليين الخسائر ، بدلا من أن يأمرهم بالانسحاب ليؤسروا ويذبحوا ذبح الشاة على يد الجنود الإسرائيليين ..؟!!! ولكن لا ..!!! فقد كان فكر الدين والشهادة ( أي العقيدة القتالية بلغة الجيوش ) مغيبة تماما لدى هؤلاء الخونة لله وللوطن ..!!!
ففي الواقع ؛ كانت أوامر عبد الناصر لانسحاب الجيش المصري من سيناء في حربي 1956 ، 1967 م .. لا تعني سوى تسليم سيناء إلى إسرائيل بدون قيد أو شرط وبلا مقابل .. وتجنيب جيش إسرائيل أية خسائر في القوات أو المعدات لاحتلالها ..!!! وقد كان تصرف الإسرائيليين ـ في هزيمة 1967 ـ عن وعي بأن هناك من يأمر القوات المصرية بالانسحاب ومن يأمر الجيش المصري بالانهزام .. إلى الحد الذي قال فيه موشيه ديان ( وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك ) لقائد القوات الإسرائيلية " سمحوني " عندما أعلن رغبته في احتلال أحد أهداف سيناء : " لماذا تدفع خسائر بالعشرات من رجالك لتحقيق هدف سوف تحصل عليه بدون قطرة دم واحدة بعد بضع ساعات .. فور وصول التعليمات من القاهرة بالانسحاب ..!!! "
وهكذا ؛ بينما كان رؤساء الحكومات في إسرائيل تجري ترتيباتهم لقيام حكومات ذات كفاءة عالية وقادرة على النجاح في انتزاع " حق الوجود لإسرائيل " على حساب إبادة الشعوب العربية .. إلى جانب قيام إسرائيل ببناء قوتها النووية بافتتاح مفاعل ديمونة في صحراء النقب ، كان عبد الناصر مشغولا بتدبير خطط الغدر ( التي عرفت بأزمة مارس 54 ) للإطاحة بمحمد نجيب ونسف الديموقراطية والاستئثار بالسلطة لتحقيق مجده الشخصي ..!!!
فقد بدأت أزمة مارس / آذار 1954 م عندما خرج المصريون يهتفون : " الدستور .. يحيا الدستور " فخرجت مظاهرة ـ بتدبير جمال عبد الناصر ـ بقيادة نقيب عمال النقل آنذاك بعد أن تقاضى مبلغ 5 آلاف جنيه ( وهو رقم ضخم بمقياس تلك الفترة ) من عبد الناصر يهتف : " يسقط القانون .. يسقط الدستور " . كما قامت عصابات عبد الناصر بعمل عدة تفجيرات في عدة أماكن متفرقة في القاهرة .. لزعزعة الحكم والإساءة إلى محمد نجيب . كما نادت هذه العصابات بسقوط محمد نجيب .. وقامت باقتحام مجلس الدولة واعتدت على رئيسه الفقيه الدستوري الكبير د. عبد الرازق السنهوري بالضرب بالأحذية ، كما اعتدت بالضرب على معلم الأمة د. طه حسين ( الضرير ) ..!!! ثم أصدر مجلس قيادة الثورة بعد ذلك عدة أوامر خاصة بأغلاق الأحزاب والنقابات والصحف ..!!!
لقد اجتمعت رغبة أمريكا في القضاء على محمد نجيب ـ بعد أن فشلت في تجنيده ـ وعلى الإخوان المسلمين من أجل إسرائيل .. كما اجتمعت رغبة عبد الناصر في القضاء على محمد نجيب وعلى الإخوان المسلمين من أجل الاستيلاء على السلطة .. فالتقطته المخابرات الأمريكية الـ ( CIA ) ..!!! ووضعت له السيناريو اللازم للتخلص من محمد نجيب من جانب ، والقضاء على الإسلام ، من جانب آخر ، متمثلا في القضاء على جماعة الإخوان المسلمين ، ثم ليقود مصر والمنطقة العربية كلها ـ بعد ذلك ـ إلى الهاوية ..!!! تماما كما فعلت الـ ( CIA ) مع الطاغية العراقي الرئيس صدّام حسين فهي التي صنعته .. ثم اتخذته بعد ذلك الذريعة لاحتلال العراق ..!!! فكلاهما ـ أي عبد الناصر وصدّام ـ توأم الروح في الخيانة والغدر والبطش بشعوبهما .. وتدمير المنطقة العربية كلها والإسلام والمسلمين معا ، لصالح الغرب وقيام دولة إسرائيل الكبرى ..!!!
فقد كانت قواعد الحكم ـ وثمن الوصول إلى السلطة والبقاء فيها ـ لدى عبد الناصر ( كما كانت لدى صدام حسين ) هو أن يكون النظام عميلا للمخابرات الأمريكية .. وأن يعادي الإسلام ، كما تكون حركة وقرارات النظام الحاكم في صالح وجود وتوسعات إسرائيل الكبرى ، ويمكن القول بأنه [4] : " لو كان يحكم مصر يهوديا .. لما خدم إسرائيل أكثر مما فعل جمال عبد الناصر .. " !!!
وبضربة واحدة تخلصت المخابرات الأمريكية من محمد نجيب ومن الإخوان المسلمين وتحويل عبد الناصر إلى بطل شعبي ..!!! فقامت بتدبير مسرحية " حادثة المنشية " بالاشتراك مع المخابرات الناصرية .. حيث كان يدور سيناريو هذه المسرحية حول قيام أحد رجال الإخوان المسلمين ( محمود عبد اللطيف ) بالتظاهر بمحاولة اغتيال عبد الناصر عند إلقائه خطاب في حي المنشية بمدينة الأسكندرية في يوم 26 أكتوبر سنة 1954 م. احتفالا بتوقيعه ـ أي بتوقيع جمال عبد الناصر ـ لاتفاقية جلاء القوات البريطانية في 19 من أكتوبر 1954م (21 من صفر 1374هـ) عن منطقة السويس ، على الرغم من وجود محمد نجيب في السلطة كرئيس للجمهورية في هذا التاريخ ..!!! وهي الاتفاقية التي وقفت ضدها كل القوى السياسية في مصر كما وقفت هذه القوى ضد جمال عبد الناصر لتساهله في بنودها إرضاءا للمخابرات الأمريكية وذلك كثمن لتخلصه من محمد نجيب والإخوان المسلمين فيما بعد ..!!!
وقد شهد على " سيناريو تمثيلية حادثة المنشية لاغتيال عبد الناصر " ، محمود جامع العضو السابق في الإخوان المسلمين ( قناة الجزيرة برنامج : ممنوعون بتاريخ 20/5/2004 ) والذي أكد فيه أن حسن التهامي ( رجل المخابرات المصري وصديق عبد الناصر المقرب ، وأحد الذين يعتمد عليهم في اتصالاته السرية ) قد أعترف بهذا السيناريو . كما اعترف ـ أيضا ـ بهذا السيناريو " حسن صبري الخولي " الضابط والممثل الشخصي لعبد الناصر الذي حضر بعض تدريبات " محمود عبد اللطيف " على تنفيذ عملية المنشية ، أي أن رجل الإخوان " محمود عبد اللطيف " كان تحت إشراف المخابرات الناصرية قبل الحادث وجرى تدريبه عليها بمعرفتهم ..!!!
وأجاد عبد الناصر التمثيل عندما وقف على خشبة المسرح ، وفي تحدي تمثيلي ـ بعد أن أطلق عليه محمود عبد اللطيف 8 رصاصات " فشنك " / أي طلقات صوت ـ وقف ليقول للشعب المصري : " إذا مات جمال عبد الناصر .. فكلكم جمال عبد الناصر ..!!! ونجحت المسرحية .. وأصدر عبد الناصر الأمر بإعدام " محمود عبد اللطيف " صاحب البطولة الثانية معه في مسرحية المنشية وشاهد الإثبات .. وخدع عبد الناصر الشعب المصري ـ حسن النوايا ـ وخدعنا معه ..!!! وبلعنا جميعا الطعم وصدقنا جمال عبد الناصر ..!!! وكانت هذه المسرحية ـ مسرحية المنشية ـ هي الذريعة التي اتخذها عبد الناصر لتصفية الإسلام وجماعة الإخوان المسلمين .. والتخلص من محمد نجيب .. بعد أن اعتقد الناس فيما كان يعتزمه الإخوان المسلمون من خراب للبلاد ..!!!
ويقول محمد نجيب في مذكراته [6] : [ .. واعتقل جمال عبد الناصر الإخوان المسلمين ، بعد هذا الحادث ، وشكل لهم في أول نوفمبر 1954م محكمة الشعب برئاسة الصاغ ( الرائد ) جمال سالم وعضوية كل من : أنور السادات وحسين الشافعي ( نائبي عبد الناصر فيما بعد ) لمحاكمتهم صوريا وبلغ عدد الذين حوكموا أمامها 867 ( هذا عدا المعتقلين بدون محاكمات ) ، وتم الحكم بالإعدام على رموز وكبار قادة الإخوان المسلمين .. أما أنا ـ محمد نجيب ـ فقد تم إقالتي في 14 نوفمبر 1954 ] ..!!!
كان قضاة المحكمة ، ثلاثتهم ، أعضاء بمجلس قيادة الثورة ، والمجلس هو الذي يقدم المتهمين للمحاكمة ، وممثلوه هم الذين يصدرون الأحكام ، ثم يشتركون في التصديق عليها فالثورة كانت هي الخصم والحكم معا ..!!!
وفي هذه المحكمة الهزلية .. لم توجد مناقشات أو استيضاحات ولكن مساخر وإهانات إلى الحد أن طلب رئيس المحكمة الرائد جمال سالم من يوسف طلعت رحمه الله ( أحد أقطاب الإخوان ) أن يقرأ الفاتحة بالمقلوب .. ثم حكم عليه بالإعدام بعد ذلك ..!!! وقد أصاب يوسف طلعت قبل إعدامه من التعذيب ما لا يصدقه إنسان .. فكسروا عموده الفقري ، وذراعه وجمجمته ، ولم يبق مكان في جسمه إلا وأصيب بكسر أو جرح أو رضّ ..!!! وسبحان الله .. فقد مثل المولى ( U ) بجمال سالم ـ رئيس المحكمة ـ بعد هذه المحاكمات الظالمة .. فأصيب بالسرطان في كل جسمه .. ثم أصيب بما يشبه الجنون .. فكان يخرج بالليل ليسير بين المقابر حتى يعثروا عليه ويعودوا به إلى المستشفى .. ومات وهو في مقتبل العمر ..!!!
وبعد أن أصبحت السلطة المطلقة في يد ـ هذا الطاغوت ـ جمال عبد الناصر .. نجح في تحويل الصراع بين الأمة والمستعمر ، إلى صراع بين الأمة ونفسها .. لتتشرذم الأمة وتتفكك وهذه هي الخيانة العظمى ..!!! لقد أذل ـ جمال عبد الناصر ـ الشعب المصري .. وزرع الخوف في قلوب المصريين .. وقذف بالديموقراطية إلى الجحيم .. وورّث الدكتاتورية لمن بعده ..!!! وإذا قيل أنه بنى المصانع .. فإنه يجب أن يقال ـ في المقابل ـ بأنه هدم الإنسان المصري .. الذي يدير المصانع .. ليفشل كل شيء .. وليقضي عبد الناصر على كل شيء ..!!!
والمعروف أن المخابرات الأمريكية جندت ( الصحفي المشهور ) الأستاذ محمد حسنين هيكل ، وأصبح عميلا للمخابرات الأمريكية في أوائل الخمسينات ( 1950 ) ، وأصبح بطريقة ما المتحدث الرسمي باسم الوطنية الناصرية والقومية العربية .. وأصبح المتصدي الأكبر للترويج للناصرية [7] ..!!!
ففي كتاب " لعبة الأمم " يقول مؤلفه " مايلز كوبلاند " ( عميل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، والذي أشرف على تنفيذ كثير من الانقلابات في العالم العربي ، والذي قال بعمالة هيكل للمخابرات الأمريكية .. الـ CIA ) : " لقد بذلت المخابرات الأمريكية كل جهودها في استبعاد الإسلام عن أي سلطة ، كما قرروا أن يرفع جمال عبد الناصر في مصر شعار " القومية العربية " على الرغم من أن الشعار الإسلامي سيعطيه مساحة جماهيرية أكبر .." ولكنهم خافوا من انتشار الإسلام .. كما أرادوا أن تكون القومية العربية أداة لكبح جماح التيار الإسلامي المتنامي ، فحصل المراد وتم ضرب ذلك التيار في مصر وكثير من الدول العربية ضربة كبيرة .
وتحدث النكسة .. أو بمعنى أدق تحدث الهزيمة .. في يونيو 1967 في ستة أيام .. بفضل انشغال عبد الناصر في تثبيت سلطانه في اختيار القيادات الزائفة والمنافقة .. وتقديم أهل الولاء والنفاق على أهل الخبرة ..!!! واحتلت إسرائيل سيناء في مصر والجولان في سوريا .. كما احتلت الضفة الغربية وغزة .. بل ويعترف جمال عبد الناصر في خطابه في 23 يوليو 1967 بأن الطريق كان مفتوحا أمام إسرائيل إلى القاهرة ودمشق ..!!!
والسبب في هذه الهزيمة ـ ببساطة شديدة ـ هو أن إسرائيل قد وظفت الدين ( الأسطورة ) في خدمة قضيتهم وسلحت جنودها برؤية توراتية إجرامية فانتصروا .. أما جمال عبد الناصر فقد جَرَّد جنودنا من الإسلام .. وأبعدهم عن كتابهم الحق ـ القرآن المجيد ـ فانهزموا ..!!!
إن الدين لديهم شرف أما الدين أصبح لدينا تهمة نتبرأ منها ..!!! وبعد أن كانت فلسفة الأمة القديمة قائمة على أساس أن إسرائيل اغتصبت أرض فلسطين بالعنف والإرهاب .. وأبادت أهلها وشردت ما تبقى منهم وأخرجتهم من ديارهم .. وأن إزالة هذا الاغتصاب الظالم فريضة على الأمة وهدف قومي . انقلبت سياسة العرب ـ بفضل جمال عبد الناصر ـ رأسا على عقب .. بتبني سياسة ( أو فلسفة ) جديدة عقب النكسة ، تقوم على أساس إزالة آثار عدوان 1967 فحسب .. لتضفي هذه السياسة الشرعية على عدوان إسرائيل القديم على فلسطين سنة 1948 . وهذا التغير الخطير في السياسة .. هو أساس كل ما عانته الأمة بعد ذلك من تنازلات متتالية قدمها الرئيس أنور السادات في كامب ديفيد [ 8 ] ، ثم بعد ذلك في مدريد ، فأوسلوا .. حتى انتهينا إلى حالة الاستسلام والتخاذل التي نشهدها اليوم ..!!!
ولابد أن ينسب التاريخ ـ أيضا ـ إلى " جمال عبد الناصر " تهمة القضاء على الأمن العربي " .. نتيجة الخلل الفادح ـ الذي تسبب فيه ـ في التوازن الاستراتيجي في التسليح بين مصر وإسرائيل ..!!! فقد خدع جمال عبد الناصر العالم العربي مرتين : المرة الأولى : عنما أكد في إحدى خطبه ـ بعد تنامي الإشاعات الخاصة بامتلاك إسرائل للقنبلة الذرية ـ بأن مصر سوف تمتلك القنبلة الذرية في حالة امتلاك إسرائيل لها .. ولم يحدث ذلك ..!!! والمرة الثانية : عندما أكد على أن مصر تمتلك الصواريخ ( المتوسطة وطويلة المدى التي تستطيع الوصول إلى العمق الإسرائيلي ) والمسماه : بالقاهر ، والظافر ، والرائد .. وذلك بإصراره على ظهورها في الاستعراضات العسكرية في 23 يوليو من كل سنة .. وهي لم تكن سوى مجرد نماذج هيكلية فارغة .. لا قيمة لها ..!!! وكما هو معروف أن عبد الناصر يتحمل مسئولية هزيمة يونيو 1967 كاملة .. وبالتالي فعبد الناصر كان ضرورة لتأسيس " الإمبراطورية الإسرائيلية " في المنطقة ..!!!
ولابد أن ينسب التاريخ لعبد الناصر ـ أيضا ـ تهمة القضاء على الوحدة بين مصر والسودان ..!!! فقد كانت هذه الوحدة قائمة بالفعل في عهد الملك السابق على الثورة .. حتى كان ملك مصر يلقب باسم : ملك مصر والسودان . ومنذ بداية الثورة كان المعروف جيدا أن استمرار هذه الوحدة مرتبط أساسا وبشكل شعبي بل وروحي أيضا .. بوجود محمد نجيب في الحكم ( لاحظ أن محمد نجيب كان من أب مصري وأم سودانية ) . ولكن ـ وبكل أسف ـ قام عبد الناصر في سبيل تحقيق مجده الشخصي الزائف بالتضحية بهذه الوحدة وإقالة محمد نجيب من الحكم ..!!! ومن سخريات القدر أن يسعى عبد الناصر ورفاقه إلى الوحدة مع سوريا [9] ، ويضحي بالوحدة مع السودان .. رغم أن الوحدة مع السودان كانت الامتداد الطبيعي لمصر والعمق الاستراتيجي والاقتصادي لها ، بينما الوحدة مع سوريا هي وحدة بين قطرين متباعدين جغرافيا وربما نفسيا ..!!! فالسودان لا يعتبر التكامل الطبيعي مع مصر فحسب .. بل هو الشريان الحيوي لنهر النيل مصدر حياة مصر .. ولذلك يسعى الغرب ـ بالفتن في الوقت الحالي ـ لفصل جنوب السودان عن شماله .. للسيطرة على مصادر النهر والتحكم في حياة مصر ومصيرها ..!!!
فالواقع ؛ أن جمال عبد الناصر هو السبب في كل ما حل على مصر وعلى شعبها من خراب ودمار ، وما انتهينا إليه من هوان بين الأمم في الوقت الحالي ..!!! فهو الذي دمر الديموقراطية .. كما دمر المنطقة العربية بالكامل .. من أجل الوصول إلى السلطة ـ لتحقيق مجده الشخصي ـ وتحقيق بطولة زائفة لم تجر عليه وعلى مصر سوى الهزيمة والعار ..!!! وهو ذلك الأفاك الذي حاول تزييف كتب التاريخ عقب توليه أمور مصر ، فقام بوضع اسمه في الكتب المدرسية كأول رئيس لجمهورية مصر منكرا بذلك رئاسة محمد نجيب لها بتأييد شعبي جارف .. ولم يعبأ بمواجهة شعب مصر بالكامل .. وهو يعلم أنه يكذب ..!!!
فيا لعار مصر بقائدها جمال عبد الناصر ..!!! ومع ذلك توجد فئات كثيرة ، ليس في مصر وحدها ، بل وفي الوطن العربي أيضا .. تؤمن بهذا الديكتاتور الأفاك وتعتبره زعيم المنطقة العربية بل ويتباكون عليه ..!!! ولهذا يجب أن تكون أول خطوة لعلاج هذا التدهور الفكري والثقافي الذي أصيبت به شعوب هذه الأمة هو تشكيل لجنة لتقصي الحقائق .. لبحث التكوين العقلي لهذه الفئات لمحاولة إصلاحها أولا ..!!! ومن السخريات ، أنه لم يعد لدى الشعوب العربية سوى المفاضلة بين الخونة .. كما وأن عليها أن تختار من بين اللصوص ..!!!
منقول من
موقع الكاتب على الإنترنت :
http://truth-2u.com/articles.php?do=view&ID=89وإلى حديث آخر إن شاء الله تعالى ..
مع أرق تحيات منتدى أكون أو لا أكون